السبت، 2 مايو 2015

المولى إسماعيل بين التاريخ والأسطورة(1082-1139هـ/1672-1727م) د.اشرخان




سلطان ارتبط ذكره بالذاكرة الشعبية أكثر من الكتابات، وجعلته هذه الكتابات أقرب إلى الأسطورة من اليقين، جلس على كرسي العرش أكثر من 55 سنة. إذ أصبح يعرق عند أبناءه بالحي الدائم حتى اعتقدوا انه لا يموت لذلك عند وفاته لم يصدقوا ذلك.
فهل هذه الأسطورة ترتبط بطول مدة حكمه؟ أم بعظمة المباني التي خلفها أم بإخضاعه للقبائل، أم بالمبدأ الذي قامت عليه دولته: الأمن والاطمئنان، أو لما كتبه الأوربيون حوله، أم لكثرة (الأسرى 120 ألف أسير) أم إنجازاته العسكرية كتحرير الثغور (طنجة، العرائش، أصيلا، المهدية) أم بكل هذه الأمور مجتمعة؟
نجد في الكتابات المغربية أن هذا السلطان لا يعدو أن يكون ملكا من ملوك  المغرب العلويين، أمه من قبائل الودايا التي كانت في إيليغ ضمن ا لنساء اللواتي كن عند أبي حسون السملالي.
وصل إلى الملك بواسطة الإجماع إذ تمت بيعته في محرم بفاس وهو ابن 26 سنة، باعتباره خليفة المولى الرشيد منذ أن كان عمره 20 سنة. عمل على إعادة توحيد المغرب واستمر في هذا العمل زهاء 21 سنة.
أول معارضة صادفته كانت من الجنوب ومن البيت العلوي نفسه حيث واجه ابن أخيه أحمد بن محرز الذي استبد بالجنوب مستعينا ببقايا الأسرة السعدية وأسرة الشبانات، توجه إليهم المولى إسماعيل وقضى عليهم في معركة بونقبة عند وادي العبيد سنة 1085هـ، وواجه أيضا المولى الحران والمولى حماد. فيما بعد سيواجه القبائل التي لم تستطع القضاء على الزاوية الدلائية [قبائل المتوسط] وقبائل آيت عطا وهي من أعتا القبائل وأقواها في الجنوب المغربي وفي شرق المغرب سيواجه بني يزناسن. كما واجه عصيان أهل فاس، الذين بمجرد تقديمهم البيعة عصوه فحاصرهم لمدة 14 شهرا ولم يستطع دخولها إلا باتفاق مع الزاوية المعنية (أحمد بن عبد الله معن الأندلسي) والزاوية الفاسية (محمد بن عبد القادر الفاسي).
بعد ذلك ثار عليه أعز أبناءه وهو محمد العالم الذي كان خليفته على تارودانت، هذا الأخير كان فقيها، عالما، أديبا لغويا، ثار سنة 1114عـ على أبيه وأعلن صراحة خروجه على السلطان لأنه كان يريد تطبيق الشريعة وذلك بإزالة المكوس والضرائب وتعطيل تجيش العبيد في جيش نظامي أطلق عيه اسم عبيد البخاري، لقد حضي محمد العالم بتعاطف مع فئة من المثقفين وعلماء الدين بسوس ومثقفي فاس. إلا أنه وقع في قبضة أخيه زيدان بمراكش سنة 1118هـ، وبعث به إلى المولى إسماعيل الذي قطع يده ورجله تطبيقا للحكم الشرعي.
بعدها سيواجه سهامه نحو شرق المغرب: وهران وتلمسان، حيث أطلق عليهم ابنه زيدان الذي دخل الجزائر، ثم قام المولى إسماعيل برحلة طويلة إلى نهر النيجر وفيه سيؤسس جيش العبيد، وفي موريطانيا سيتزوج الفقيهة العالمة خناتة بنت بكار المغفرية، وهي والدة السلطان المولى عبد الله وجدة ابنه السلطان سيدي محمد بن عبد الله.
تميز المولى إسماعيل بالشجاعة والاندفاع، كان دائما على رأس الجند وفي المواجهة يكون أول المهاجمين، قال عنه ويندوسي “عمر الإمبراطور 81 وهو نشيط جدا بالنسبة لسنه، متوسط القامة، تبين ملامحه أنه كان وسيما قسماته تبين انه أسمر رقيق فقد كل أسنانه، يتنفس بصعوبة، لحيته ناصعة البياض، كان لعينيه بريق، كان يمتطي فرسا أسودا وفوق رأسه مظلة…”.
حرر المولى إسماعيل عدة ثغور خاصة طنجة من يد إنجلترا 1090هـ ثم حرر المهدية 1092هـ، ثم حرر العرائش 1101هـ ثم أصيلا 1102هـ، وقام بمجهودات محمودة من اجل تحرير سبتة ومليلية، وهران وباديس والحسيمة وحزر نكور، والأدهى من ذلك انه أمر العبيد ببناء حضن مارتيل للاستطلاع، ومعنى هذا انه كان يفكر في الهجوم على إسبانيا واستعادة الأندلس. وقد أسس جيش نظامي متمثل في جيش عبيد البخاري.
على مستوى العلاقات الدبلوماسية راسل المولى إسماعيل ملوك أوروبا وبعث سفراؤه إليهم ونذكر منها على سبيل المثال سفارة الحاج محمد تميم إلى فرنسا سنة 1092هـ/ 1981م، وسفارة السفير محمد بن حدو ابن عطار إلى بريطانيا. وكان لا يقبل فداء الأسرى إلا مقابل الكتب. وقد عاصر المولى إسماعيل سلاطين من نفس الصنف كلوريس 14 ملك فرنسا، وكارلوس الثاني ملك اسبانيا، وجيمس الثاني ملك الإنجليز  وگوستاف ملك السويد، وكلهم كانوا ينفردون بالحكم وبيدهم زمام السلطتين التشريعية والتنفيذية، فلم يكن المولى إسماعيل حالة شاذة في عصره.
توفي المولى إسماعيل يوم السبت 28 رجب 1139هـ/ 21 مارس 1727م، وبوفاته سيدخل المغرب أزمة الثلاثين سنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق