السبت، 2 مايو 2015

إصدارات تاريخية برتغالية حول المغرب عثمان المنصوري




تقديم:
عرفت العشرية الأولى من هذا القرن، إصدار مجموعة من الكتب البرتغالية التي تناولت تاريخ المغرب وعلاقاته بالبرتغال، ونظرا لبقاء هذا النوع من الكتابات بعيدا عن متناول القارئ المغربي، بسبب عوائق اللغة وضعف التوزيع، فإن هذا العرض يتوخى التعريف بقسم من هذه الإصدارات التي تمكنا من الإطلاع عليها، وتقريب القارئ من مضامينها ومواضيعها، مع العلم أن قسما كبيرا مما يصدر من المؤلفات التاريخية البرتغالية له علاقة وثيقة بالمغرب بحكم تقاطع تاريخ البلدين في فترات متعددة منه ، بحيث لا يمكن أن تخلو أية دراسة عن الاكتشافات الجغرافية مثلا من الحديث عن المغرب الذي كان من أولى محطاتها، وكذلك الشأن عند الحديث عن منطقة الغرب في الفترة الوسيطية، وعن معركة وادي المخازن وعن الملك سباستيان، سواء في دراسات مستقلة أو ضمن الكتب المخصصة لتاريخ البرتغال العام. ويلاحظ تزايد اهتمام المؤرخين البرتغاليين بتاريخ البرتغاليين في المغرب وعلاقات البلدين، وهو ما يشرح تزايد الدراسات المنجزة، والعمل على نشر الكثير من المخطوطات والوثائق وتحقيقها. يتناول هذا العرض مجموعة من الكتب التي صدرت ما بين سنتي 2001 و 2010، مرتبة حسب تاريخ إصدارها.
وسيمكننا هذا العرض السريع المعرف بالإصدارات البرتغالية المرتبطة بالمغرب، من أخذ صورة عامة عن هذا الإنتاج، الذي يعكس اهتماما متزايدا من الباحثين البرتغاليين بهذ االتاريخ المشترك، وهو اهتمام بدأ يظهر منذ تسعينيات القرن الماضي، وخاصة سنة 1999، حيث أصدرت مؤسسة كامويش خمس كتب دفعة واحدة، وكلها بارتباط مباشر أو غير مباشر بالمغرب، وبالتاريخ العربي في البرتغال، وحرصت على طبعها باللغتين العربية والبرتغالية. وقد ظهر هذا الاهتمام من الندوات واللقاءات المتبادلة بين مؤرخي البلدين، والعدد الخاص من مجلة كامويش الذي خصص للعلاقات بين البلدين، بمناسبة مرور230 سنة على توقيع اتفاق السلم بين الدولتين، وساهم فيه مؤرخون من الجانبين1.
الملاحظ أن نصف هذه المؤلفات، اعتمد على نشر وتحقيق وثائق أو مخطوطات أو إعادة نشرها، وتطعيمها بدراسات تمكن من تدارك الهفوات السابقة و تسليط الضوء على ظروف إنجازها وما تتضمنه من إفادات للباحثين. كما أن بعض هذه الدراسات ترجمت إلى العربية (اثنتان) أوالفرنسية (واحدة)، سعيا منها إلى مخاطبة القارئ المغربي والعربي، وجعلها في متناوله. مما يبين وعي البرتغاليين بضرورة وجود لغة وسيطة (العربية أو الفرنسية) للانفتاح على نظرائهم المغاربة. كما نلاحظ تعدد الجهات الناشرة لهذه الأعمال من كليات ومعاهد ومجالس بلدية ومؤسسات ثقافية وغيرها.
الهوامش:
1- Camoes , Novembro 2004, N° 17-18, Relaçoes Luso-marroquinas,230 anos.
عثمان المنصوري | PDF طباعة إرسال إلى صديق  
Rafael Moreira, A construçao de Mazagao, cartas inéditas 1541-1542, Instituto Portugues Do Patrimonho Arquitectonico, Lisboa, 2001.
بناء مازيغن، رسائل غير منشورة (1541-1542). تقديم وتنسيق رافائيل موريرا، من جامعة لشبونة الجديدة ترجمة جانين كينتان و المهدي الزواق. صدر هذا الكتاب بلشبونة في سنة 2001، في 250 صفحة، بطباعة أنيقة على أوراق صقيلة، وهو ثمرة مجهود جماعي، شارك فيه مجموعة من الأساتذة من تخصصات مختلفة. وأشرف عليه المعهد البرتغالي للتراث المعماري. ويندرج في إطار مشروع فيدير للتعاون بين المغرب والبرتغال وإسبانيا حول إعداد التراب والتراث الثقافي. يركز هذا العمل على سنة 1541، التي شرع فيها البرتغاليون في إعادة بناء مدينة مازيغن وفق تصميم هندسي جديد يتناسب مع الأهمية التي حظيت بها المدينة من لدن البرتغاليين، ومع الدور الذي كان على المدينة أن تلعبه كمركز من أهم المراكز البرتغالية في المغرب آنذاك. ويشتمل على دراسة تمهيدية من إنجاز رافاييل موريرا، تطرق فيها إلى تاريخ المدينة منذ أن كانت حصنا صغيرا لدعم مدينة أزمور، إلى أن بدأ التفكير في تعزيز قدراتها العسكرية، وتحصينها وفق أحدث التصميمات ومواد البناء في القرن السادس عشر، لتكون قادرة على التصدي لهجومات المغاربة ولعوادي الزمن. كما استعرض ما عرفته المدينة من تطورات معمارية إلى غاية استرجاعها من لدن المغاربة، وتطرق إلى الصدى الذي خلفه استرجاعها من لدن المغاربة، والصيت الذي ارتبط باسم مازاغان في البرتغال والبرازيل، والأحوال التي توجد عليها حاليا. وبعد ذلك، يتضمن الكتاب سبعين وثيقة تعود إلى سنتي 1541-1542، اللتين تم فيهما البناء، وكلها تتطرق إلى المسائل المتعلقة بالدفاع وتحصين المدينة، والمهام التي أوكلت إلى بعض الخبراء والمهندسين لزيارة المدينة ودراسة التصاميم اللازمة لبنائها بشكل عصري ومواد البناء وسير الأشغال.
من حسنات هذا الكتاب، أن المؤلفين أولوا عناية خاصة، ليكون نشره بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والبرتغالية، بغية استفادة أكبر عدد من المهتمين، وتجاوز عرقلة اللغة التي تقف عائقا أمام ذلك. فالنص العربي قدم بشكل مستقل من الغلاف الأيمن للكتاب، ويتضمن المقدمة ثم ملخصات موجزة للوثائق السبعين. أما النص البرتغالي فقد قدم من جهة الغلاف الأيسر، ويتضمن المقدمة، باللغتين البرتغالية والفرنسية، وتقديما مفصلا لنفس الوثائق الموجودة في أرشيف المكتبة الوطنية بلشبونة. وبعد ذلك نجد النص الكامل لهذه الوثائق السبعين مع ملخص لمضامينها بالفرنسية. ويعزز ذلك كله، مجموعة من الصور الفوتوغرافية للمعالم الأثرية للمدينة (39 صورة)، وبعض الخرائط والتصاميم القديمة (6 خرائط).
عثمان المنصوري | PDF طباعة إرسال إلى صديق
سمع الكثير عن هذه العائلة البرتغالية التي احتكرت التمثيل الدبلوماسي للبرتغال في المغرب لعقود عديدة، وكان لها دور كبير في تعزيز العلاقات بين الدولتين، وحضور في مدينة طنجة بين ممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية، ولذلك قرر إنجاز كتاب عنها
يستعرض هذا الكتاب أفراد عائلة كلاصو مبتدئا بجورج كلاصو دي سار ( Jorge Colaço De Sarre ) المزداد سنة 1640، إلى آخر فرد منها وهو مارتين أنطونيو المزداد سنة1952. وعند التطرق إلى سيرة أي فرد من هذه العائلة، يقدم ما توصل إليه من معلومات، تتضمن عادة تاريخ ولادته، ووفاته، واسم زوجته وتاريخ ولادتها ووفاتها، واسم الأبناء مع تاريخ ولادة كل واحد منهم، وبعد ذلك يستعرض الأبناء واحدا واحدا بنفس الطريقة متتبعا شجرة العائلة بتفرعاتها المختلفة، وتتخلل ذلك كله وقفات تطول أوتقصر عن بعض الأحداث والمعلومات المتعلقة بهؤلاء الأفراد، ومنها، بالنسبة لموضوعنا، الأحداث التي شارك فيها أفراد هذه العائلة كممثلين للبرتغال، وما عاينوه وعاشوه من أحداث في طنجة، وعلاقاتهم بالمخزن المغربي، وبسكان المدينة، ومختلف النشاطات التي زاولوها. وقد عزز المؤلف كتابه هذا بملحق غني يتضمن جدولا بأسماء القناصل الذين تولوا مهمات باسم البرتغال، والمدد التي اشتغلوا فيها والأماكن، ومجموعة من الصور (44 صورة) تتعلق بالأسرة وبعض التحف الفنية. وختمه بنص المذكرات التي كتبها ألكسندر ري كلاصو مذكرات طنجية في 28 صفحة، وتتضمن بعض الذكريات والأحداث التي عاشها وعاينها بطنجة في القرن التاسع عشر. قبل مغادرتها سنة 1870 .
عثمان المنصوري | PDF طباعة إرسال إلى صديق
Joao Cosme , A guarniçao de Safim em 1511, Centro De Historia ,Universidade De Lisboa, Lisboa, 2004 .
حامية أسفي سنة 1511، تأليف جواو كوسمي ، من منشورات مركز التاريخ بجامعة لشبونة سنة 2004. والمؤلف أستاذ للتاريخ بكلية الآداب بلشبونة، ومختص في الديمغرافيا التاريخية وفي تاريخ الاكتشافات والتوسع البرتغالي.
يقع هذا الكتاب في 226 صفحة، ويتضمن مقدمة من ثلاثين صفحة، شرح فيها المؤلف الغرض من تأليف هذا الكتاب الذي خصصه لنشر مجموعة من الوثائق المتعلقة بأسفي سنة 1511

، وأكد على أن نشر المصادر الوثائقية هو وسيلة تسمح للباحثين بالاستفادة من مجال أفضل وأرحب للبحث، خاصة أنها تتجاوز عائق الباليوغرافيا وتيسر عليهم عملهم. وبذلك تكون الوسيلة الوحيدة لاستعمالها الكامل من قبل فئة عريضة من القراء، كما أنها تساعد أيضا على معرفة أفضل بالمعطيات البيوغرافية التي تسمح بتوسيع قاعدة من المعطيات الضرورية للبحث في الجوانب السوسيوغرافية وحتى السوسيولوجية في الحالة الخاصة المتعلقة بالوجود البرتغالي بالمغرب والتوسع البرتغالي على العموم.
تطرق المؤلف في المقدمة إلى تاريخ أسفي قبل الاحتلال البرتغالي، والنزاع بين المغرب والبرتغال ومملكة قشتالة، والوضعية السياسية الداخلية بالمغرب في عهد حكم بني وطاس، ثم الإدارة الموجودة بالحامية بمكوناتها : القبطان أو الحاكم وموظفو الخزينة والموظفون الدينيون وموظفو الصحة والعسكريون من فرسان وحرس ومدفعيين والطلائع والنفير والمشاة وخدام الملك ورجال العربات وغيرهم من السكان، وبعض الوظائف الأخرى: (إسكافيون وحدادون وخياطون وبناؤون ومعلمون في صناعة السكر). وبعد ذلك عرف بالمخطوط الذي يقدم بعض المعطيات عن الحضور البرتغالي في المغرب، ويسمح بتبين العناصر الرئيسية للحامية في أسفي بعد احتلالها سنة 1508.
بذل المؤلف في نشر هذا المخطوط مجهودا باليوغرافيا كبيرا لإعداد النص وتخريجه ليكون في متناول الباحثين، وهو في الأصل كناش/تقييد يتضمن حسابا على شكل إيصالات يمضي أصحابها على تسلمهم لرواتبهم عن الأشهر الأخيرة لسنة 1511، وتكاد تتكرر فيه نفس الصياغة: أدينا إلى فلان.. وصفته.. من أول أكتوبر إلى آخر دجنبر.. مبلغ كذا ومبلغ كذا ..ثم تأكيد التسلم :"...تسلم فلان حقيقة من الفيتور[الوكيل التجاري] المذكور المبلغ المذكور ..وحقا.. وقع هنا معي أنا الكاتب يوم كذا ..شهر كذا سنة كذا ثم الإمضاء ، ومن الأسماء التي يضمها هذا التقييد، نجد اسما معروفا هو يحي وتعفوفت :".. أدينا ليحي أوتعفوفت من الخمسين أوقية التي تؤدى له كل سنة، عن الأشهر الثلاثة الأخيرة أربعة آلاف ريال..."وهو مبلغ كبير بالمقارنة مع ما يتقاضاه كبار الموظفين من رواتب. وهناك مغربي آخر يدعى بولبركة تلقى مبلغ 555 ريالا وسيدي محمد 350 ريالا ومحمد ذ مراكش 1050 ريالا. وختم المؤلف كتابه بجداول مفصلة بأسماء الأشخاص وصفاتهم ومراتبهم العسكرية والمبالغ /الرواتب التي كانوا يتلقونها. ( 22جدولا ).
عثمان المنصوري | PDF طباعة إرسال إلى صديق
بالمخطوط الذي نشره بيير دو سينيفال مترجما إلى الفرنسية سنة 1934 (1(.
وعلى الرغم من تأكيد الباحث على القيمة العلمية لدراسة دو سينيفال، إلا أنه أشار إلى ما اعتراه من نقص وهفوات في التعامل مع النص الأصلي وترجمته، مما تطلب مراجعته وتصحيحه. وعرف المؤلف بالراهبين الأخوين أنطونيو وفرانسيشكو برانداو اللذين قاما بنسخ النسخة الأصلية بين سنوات 1630 و1680. لا يتضمن النص اسم الكاتب، ولكن المخطوط يتضمن معلومات كثيرة عنه يتبين منها أنه قدم إلى سانتاكروز صغير السن مع والده، وأنه تلقى أخبار المركز ممن أدركهم من المسنين الذين سبقوه إليه، كما عاين الأطوار الأخيرة من تاريخه والتي انتهت بتسليمه. ويغلب على الظن أنه بدأ في تدوين الكتاب بعد 16 سنة على استرجاع السعديين للمركز. أما المضمون فهو عبارة عن يوميات لأحداث عسكرية ارتأى الكاتب أنها تستحق أن تخلد، وقد عرضها بتسلسل زمني، من تأسيس الموقع إلى استعادته من لدن السعديين. ويتضمن المخطوط العديد من التفاصيل التي تتعلق بالحياة اليومية وأحوال القلعة، إضافة إلى الأحوال العامة في المغرب، والعلاقات بين البرتغالين ومحيطهم المغربي، وعلاقاتهم بالسلطة السعدية. والظروف التي كانوا يعانون منها خلال الأزمات، وخاصة حالات الحصار الشديد من قبل المغاربة.
بعد هذه الدراسات، نجد النص الكامل للمخطوط في 104 صفحة، محققا، مع توضيح بعض الاختلافات مع نص دو سينيفال، والأخطاء التي وقع فيها، وبعض الكلمات المشطبة التي لم يشر إليها. وقد حرص المؤلفون على نشر الكتاب باللغتين العربية والبرتغالية، مخصصين الصفحات اليسرى للنص البرتغالي واليمنى للنص العربي.
والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تعريب هذا المخطوط، إذ سبق للأستاذ أحمد صابر أن نشر نص المخطوط ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، في سلسلة الوثائق رقم 1، بعنوان: تاريخ سانتا كروز- أكادير، نص برتغالي من القرن السادس عشر لمؤلف مجهول، وذلك سنة 1994. اعتمادا على النسخة التي ترجمها دوسينيفال إلى الفرنسية، وهو العمل الذي لم تتم الإشارة إليه في هذا الكتاب، على الرغم من أن المؤلف المغربي سبق أن أعد شهادة جامعية عن سانتا كروز وناحيتها: الوجودالبرتغالي (1505-1541) ويفترض فيه الإطلاع على النص المترجم. بل إن مقارنة الترجمة التي قام بها مؤلفو الكتاب مع ترجمة الأستاذ صابر، تبين أنهم عمدوا إلى نقل هذه الترجمة واعتمدوها بالأساس، وطعموها ببعض التعديلات التي قام بها المحقق البرتغالي على نص دو سينيفال. دون أدنى إشارة إليها، لا في الإحالات الهامشية، ولا في البيبليوغرافيا التي لا يتضمنها الكتاب بالمرة.
الهوامش:
1- Chronique de santa Cruz du Cap de Gué(Agadir). Texte Portugais du XVI° siècle, Paris, Paul Geuthener, 1934.

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم أخي العزيز.
    بداية أشكرك على اهتمامك بالكتب و التاريخ .
    أرجو منك تزويدي برابط لتحميل كتاب "حامية آسفي سنة 1511".
    شكرا .مع متمنياتي بمزيد من العطاء لتعم الفائدة والله ولي التوفيق.

    ردحذف