السبت، 2 مايو 2015

دولة المولى اليزيد نهاية عصر وبداية عصر 1204هـ/ 1790




إن الحدث البارز الذي اعتبرناه مدخلا للقرن 19 بل نهاية للعصر الحديث وبداية للتاريخ المعاصر في المغرب هو وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد الله وولاية ابنه المولى اليزيد، وحجتنا في ذلك أن كل قرن تمتد جذوره في القرن الذي سبقه، بل إن سنة 1790م انتهت فيها مرحلة مجيدة من تاريخ المغرب، [انظر نص أحمد بن خالد الناصري في الاستقصا] وبدأت مرحلة جديدة، انتهت فيها مرحلة مخاطبة الأنداد وبدأت مرحلة المواجهة و الانكماش والاحتراز والمهادنة. وانتقل المغرب من الدبلوماسية إلى المواجهة   وقد دشن هذه المرحلة السلطان المولى اليزيد بمؤشرات عديدة يمكن أن نذكر منها ما يلي:
1-شخصيته القوية المحاربة المراكمة للتجارب بسبب رحلاته الطويلة في بلاد المشرق.
2-بيعته ببلاد جبالة واتخاذه لقب بمحمد المهدي لإظهار تشبعه بالدين.
3-إدراكه المبكر لضرورة بناء الحصون وتأسيس الجيش النظامي وإصلاحه وإشراك جميع جهات المغرب في تكوينه.
4-كراهية للأجانب المتغلغلين في المجتمع المغربي والمسيطرين على اقتصاده، ومن أجل ذلك وصف من طرف الأوروبيين بالمتعصب، ووصف من طرف المؤرخين المغاربة بالسلطان المتشبع بالروح الوطنية العالية.
5-عزمه المتجدد والمتواصل لتصفية الاستعمار الاسباني من الجيوب المغربية المحتلة، وقد كاد أن يسترجع مدينة سبتة لولا الفتن الداخلية، بل حضر عملية الحصار بنفسه عام 1791م، وراسل اسبانيا برسائل التهديد والوعيد، وبذلك تغير الموقف الإسباني تجاه المغرب بإظهار موقف جديد هو التدخل السافر في شؤونه الداخلية .
6-عداء المولى اليزيد لبعض اليهود الذين اعتبرهم المحتكرين للموارد الاقتصادية الأساسية في المغرب حيث استفادوا من أفكار الثورة الفرنسية وروجوا لها فأثاروا بذالك الانقسامات الاجتماعية.
7-تغيير سياسة المغرب اتجاه الدول الأوربية حيث استدعى قناصلها بطنجة وهددهم بأنه سيعلن عليهم الحرب في البحر إذا لم يوفوا بالتزاماتهم تجاه المغرب، رغم أنه راسل بعض الدول الأوروبية ليؤكد سريان الاتفاقيات التي عقدت في عهد والده السلطان سيدي محمد بن عبدا لله.
إن هذا العناصر نلمس فيها ولاشك بوادر أولية ومدخلا ضروريا للقرن التاسع عشر، الذي لخصت مجريات أحداثه بالفتن الداخلية والضغوطات الدبلوماسية، ومحاولات الإصلاح لكن ذلك مجرد وجه لعملة لا يمكن أن يخفي عنا الوجه الآخر لمغرب القرن 19.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق